عبد الحق: وليس في شيء من طرقه يعني طرق البخاري "يستنزه" وقد أخرج الحديث ابن حبان وفهم منه: أن الرطب يسبّح ما دام رطبًا فترجم على الحديث بذكر الخبر الدال على أن الأشياء الجامدة التي لا روح فيها تسبّح ما دامت رطبة وهذا مخالف لما ذهب إليه الخطابي فإنه قال: هذا من بركة أثره - صلى الله عليه وسلم - ودعائه بالتخفيف عنهما، وكأنه جعل - صلى الله عليه وسلم - مدة النداوة فيهما حدًّا لما وقعت فيه المسألة من تخفيف العذاب عنهما، قال: وليس ذلك من أجل أن في الرطب معنى ليس في اليابس.
ومعني يستنزه: لا يبعد ويحتفظ، ومعنى يستتر: يجوز أن يكون لا يبالي بكشف عورته، وهو ما فهمه البغوي، ويجوز أن يريد أن لا يجعل بينه وبين بوله حجابًا توفيقا بين المعنيين وهو أولى. (?)
قوله: وما يعذبان في كبير يحتمل أن يريد التنزه أمر سهل فعله، وكذلك النميمة لا يعظم أمرها على الإنسان إذ مكنه أن يحفظ لسانه من غير مؤنة ويحتمل أن يريد ليس بكبير عندكم لا تعدونه كبيرًا وإن كان في نفس الأمر كبير.
231 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا اللاعنين قالوا وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلّى في طريق الناس أو في ظلّهم".
قلت: رواه مسلم وأبو داود كلاهما في الطهارة ولم يخرجه البخاري. (?)
اللاعنين: الأمرين الجالبين للّعن الباعثين للناس عليه؛ لأن من فعلهما يلعن ويسب فلما كانا سببًا للعن أسند إليهما الفعل، وقيل لاعن بمعنى ملعون كما قيل سر كاتم