رسول الله؟ فقال رسول الله: «أصدق ذو اليدين؟ » فقال الناس: نعم، فقام رسول الله، فصلى ركعتين أُخريين، ثم سلم، ثم كبر، فسجد مثل سُجوده، أو أطول، ثم رفع، ثم كبر، فسجد مثل سُجوده أو أطول، ثم رفع.

ذو اليدين ويلقب بذي الشمالين أيضًا، واسمه: الخِرباق -بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء-ابن عمرو. قيل: هو سُلمي-بضم السين نسبة إلى بني سُليم، وقيل: هو زُهري.

هذا الحديث فيه نسيان النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته، واعلم أن النسيان من الأعراض البشرية التي تحصل إذا حصلت أسبابها العادية، فهو جائز وقوعه من الأنبياء والرسل، وثبت وقوعه منهم في الجملة، فالنسيان أقسام: منه ما يكون في الأمور العادية، وهذا واقع من الأنبياء، فقد قال موسى للخضر: {لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيت} [الكهف: 73]. وقد نسي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خرج إلى صلاة، أنه كان عليه أن يغتسل. ومنه ما يكون في الأمور الدينية، فأما ما يتعلق بالتبليغ، فهو أيضًا جائز وواقع بعد أن يقع التبليغ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يرحم الله فُلانًا لقد ذكرني كذا وكذا، آية نسيتُهن من سُورة كذا وكذا»، فذلك نسيان لشيءٍ من القرآن بعد تبليغه وتواتره. وأما ما يتعلق بابتداء التبليغ، فالله عصم رُسله من نسيان ما أمروا بتبليغه؛ لقوله تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَه} [القيامة: 16 - 19]. وما ورد في هذا الحديث هو من قبيل النسيان في أمور الدين الذي لا يتعلق بالتبليغ، على أن مالكًا رحمه الله روى فيما يأتي: أنه بلغه أن رسول الله قال: «إني لأنسى أو أُنسى لأسُن»، فدل على أن بعض نسيانه مراد من الله تعالى؛ ليتعلم به المسلمون حكمًا شرعيًا، وفي رواية: «إني لا أنسى ولكن أُنسى لأسن»، فيدل على أن نسيانه في الأمور الدينية لا يقع إلا لقصد التعليم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015