السرية. وبقية الأحاديث في هذا الباب مجملات أو مرويات بالمعنى أو بزيادة من عند الراوي، ويفسرها هذا الحديث. والبخاري، ومسلم لم يُخرجا هذا الحديث في «صحيحيهما»، ولم أدر ما حال بهما دون ذلك، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هل قرأ معي منكم أحد آنفًا؟ ». يدل على أن القراءة المسؤول عنها كانت قراءة سرية لم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فلذلك سأل بـ (هل) المفيدة لطلب التصديق، ولو كان سمع قراءة خلفه لسأل عن تعين القارئ، فلقال: «من قرأ معي منكم؟ ».

وقوله: «إني أقول ما لي أنازع القرآن» أي: أقول في نفسي حين الصلاة، كقول زهير:

وكان طوى كشحا على مستكنة ... فلا هو أبداها ولم يتقدم

وقال سأقضي حاجتي ثم أتقي ... عدوي بألفٍ من ورائي ملجم

ومعناه: أن رسول الله حصل لنفسه الشريفة مثل ما يحصل للمتكلم إذا كان يتكلم ويشاركه غيره في الكلام، وهذا حصول مكاشفة جعله الله تعالى لرسوله، فظهرت فيه مشاركة نورانية؛ لصعود قراءته إلى السماء خالصة عن خلط يكدر شيئًا من صفاء نورها، ونفع المصلين بخلوص بركتها، أو يقلل نفع القارئ معه من بركة الإنصات إلى قراءة الرسول عليه الصلاة والسلام. والحاصل أنه حصلت حالة كدر في نورانية قراءة رسول الله؛ ليحصل تعليم المصلين وجوب الإنصات إلى إمامهم، ثم إن كان هذا القارئ كان يحاكي قراءة رسول الله، فالمنازعة تمثيل لحالة المشاركة في شيء متحد بمجاذبة بين شخصين في شيء، وإن كان القارئ قرأ بغير ما كان رسول الله يقرأ، فالمنازعة تمثيل لحالة المماثلة في عملٍ، بحالة المشوش المغلط، وأيامًا كان فالكلام خبر مستعمل في اللوم والتوبيخ؛ لما هو ظاهر أن منازعة الرسول والإمام أمر مذموم وجفاء لو علم به صاحبه قبل أن يوقف عليه.

ما يفعل من سلَّم من ركعتين ساهيًا

مالكٌ عن أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أبي هُريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015