في تعيير أخويها وأوليائها:

ولا تردوا إلا فضول نسائكم ... إذا ارتملت أعقابهن من الدم

فكان معهودًا أن الماء بعد سقي النساء يصير غير صالح، وربما كان مؤكدًا لهذا الوهم الاغترار ببعض أحوال أهل الكتاب، فقد قطنت المدينة وما حولها قبل الإسلام طوائف من اليهود: بنو قينقاع، وقريظة، وخيبر، والنضير، وكان في دين اليهود تحقير للمرأة وتنجيس لأغلب أحوالها، فسرى ذلك في أوهام كثير من سكان المدينة حتى قال بعضهم: إن مرور المرأة بين يدي المصلي يبطل الصلاة كالكلب، والحمار، فكانت عائشة تقول: بئسما عدلتُمونا بالكلب والحمار، ومن ذلك أن بعضهم قال: بكراهة تطهر الرجل بفضل وضوء المرأة. نقله ابن رزق في كتاب «الأنوار». فكان هذا محل عناية المتفقهين من قبل. وذكر أن ابن عباس سئل عن التطهر بفضل وضوء المرأة فقال: هن ألطف بنانًا وأطيب ريحًا، وكذلك قال زيد بن ثابت اهـ، فكان حديث ابن عمر أقوى حجةٍ في هذا الباب؛ لأنه أثبت أن وضوء الرجال مع النساء كان من الأمر المعمول به في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن العجيب ما نقله الباجي وغيره عن أحمد وداود أنهما قالا: إن خلت المرأة بالتطهر فلا خير في فضل طهورها وإن تطهرت بحضرة الرجل فلا بأس أن يتطهر بفضلها، وأعجب منه توجيه البابلي شيخ الزرقاني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015