وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنِّي تحضرني من الله حاضرةٌ» هو بالضاد المعجمة من الحضور، أي: تلُّم بي، وقد أفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المراد من الحاضرة، ومدلولها مساوٍ لمدلول الحدث في فعل «تحضرني» فكان ذلك الفعل في قوَّة الفعل المبني إلى المجهول على حدِّ «سأل سائل»، وقول يزيد بن عمرو بن الصعق الكلابي يهجو النابغة:
وإن الغدر قد علمت معدٌّ ... بناه في بني ذبيان بان
والمقصود من إبهام ذلك؛ أن لا يتسبَّب في إعراض مؤاكليه عن تناول ذلك الطعام اقتداءً به أو تقززًا مما عسى أن يذكره من وصف ذلك الطعام. وهذا من آداب المؤاكلة؛ لأنَّ المرء إذا كان الطعام لا يلائمه لسبب غير مضرٍّ بالآكل، أن لا يخبر بما وجد فيه؛ إذ الناس مختلفون في الرغبات، وفي المنفرات، وفيها كثير من آثار الواهمة، فينبغي أن يتركوا وشأنهم؛ إذ لعلَّ من يخبرهم يكون قد أثار الكراهية في نفوسهم، أو يكون ألجأهم إلى الإعراض عن ذلك الطعام مصانعةً أو حياءً من أن يقال: إنَّهم لا يتقزًّزون ممَّا تقزَّز منه المخبر، فإنَّ المآكل المباحة محكوم الإقبال عليها، والإعراض عنها، لحكم العوائد، ولعلَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجاب النسوة بهذا لضعف نفوسهن، ثمَّ بين ما منعه من أكل ذلك بما ورد في حديث ابن عبَّاس المذكور عقب هذا، وهو قوله لخالد: «لم يكن (أي: الضب) بأرض قومي فأجدني أعافه».
الشؤم مقارنة بين بعض الموجودات، وبين ضرٍّ ليس من طبع نوعه، وضده اليمن. وكان العرب ومعظم الأمم يتوهَّمون هذه المقارنة، ويرصدونها عند ابتداء ظهور لائحة منها في بعض الموجودات، فيرصدون أحوال ذلك الموجود حين يحصل لهم بزعمهم استقراء يدلُّ على أنَّ بين الموجود وبين الشرِّ أو الخير مقارنة وملازمة، فيقولون: إنَّه مشؤوم أو ميمون. ومن أمثالهم «أشأم من البسوس». وقال أبو الأسود:
كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسدًا وبغضًا إنه لمشوم
وأكثر ما يثبتون ذلك للأوقات، والأمكنة، وجديد الحوادث؛ كالولادة، والعرس، والسفر؛ ولذلك يدعون للمعرس، يقولون: «باليمن والبركة» و «على الطائر