وقع فيه حديث أبي هريرة: «نهى رسول الله عن لبستين» إلى أن قال: «وأن يشتمل الرَّجل بالثَّوب الواحد على أحد شقَّيه».
ووقع في باب النهي عن الأكل بالشمال عن جابر: «وأن يشتمل الصمَّاء»، فالاشتمال والصمَّاء شيء واحد. وفسَّر أهل اللغة الاشتمال بأن يلتحف في الثوب يرفعه ويلقيه على أحد م نكبيه ويُخرج يده من تحته، ووقع في باب الصلاة في الثوب الواحد من «صحيح البخاري» عن الزهري «الملتحف المتوشح» وهو المخالف بين طرفيه على عاتقيه وهو الاشتمال على منكبيه». وعن ابن السكيت: الاشتمال أن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى، ويأخذ الذي ألقاه على منكبه الأيسر من تحت يده اليمنى، ثمَّ يعقد طرفيهما على صدره. وفي حديث عمر بن أبي سلمة أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّى في ثوب واحد مشتملاً به، واضعًا طرفيه على عاتقيه، وفي حديث جابر: «وجدت رسول الله يصلِّي، وعلي ثوبٌ واحدٌ، فاشتملت به فلما فرغت، قال لي رسول الله: «ما هذا الاشتمال الذي رأيت؟ ». قلت: كان ثوبًا واحدًا، قال: «فإن كان واسعًا، فالتحف به، وإن كان ضيقًا، فاتَّزر به».
وأما الصمَّاء، فقال أبو عبيد: الصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه، فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب. وقال أبو عبيدة: أن يضع الكساء على كتفيه، ثمَّ يرده من جهة يمينه على يده اليسرى، وعاتقه الأيسر فيغطي يده اليسرى، ثم يرده ثانية من خلفه على يده اليمنى وعاتقه الأيمن فيغطيهما جميعًا، وهذه أشمل. ولعلَّهما إطلاقان في كلام العرب أو اصطلاحان للقبائل، فتبين من هذا كلِّه معنى الالتحاف والاشتمال وتبين أن الصَّماء صفة من صفات اللِّحفة والشِّملة على تقدير موصوف محذوف،