فإن كان هذا الظاهر هو المراد، فالمقصود نساء من نساء المشركين أو اليهود كنَّ حسنات المنار يستهوين بعض نساء المسلمين، فذكر هذا من عاقبتهنَّ لتحذير التشبه بهن على سبيل التهويل والتقبيح؛ كقوله تعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] وقوله في شأن قارون: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ}، إلى قوله: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [القصص: 82].

وليس المقصود أنَّ تلك الصفات المذكورة للنساء هي التي أوجبت حرمانهنَّ من دخول الجنة إن كنَّ مؤمنات؛ لأنَّ ذلك ينافي المعتقد الحق، ويسوي بين الكفر بمراتبه وبين المعصية مع الإيمان على تفاوت المعاصي، ولا يقدم على القول بذلك صحيح العلم. وإن كان هذا الظاهر في العيد غير مراد، فلعلَّ من تأويله أنهنَّ لا يدخلن الجنة مع الرعيل الأول، ولا يجدن ريحها في المحشر، وأنَّهنَّ يعذَّبن عذابًا أليمًا، ثمَّ يدخلن الجنة.

واعلم أنَّ هذا التأويل مبني على أن المراد بقوله: «عاريات» أي: بين الرجال، وبقوله: «مائلات» الكناية عن عدم العفاف، أي: مائلات إلى غير الأزواج، وبقوله، «مُميلات» داعيات أترابهن إلى مثل ما يملن إليه؛ لأنَّ كلَّ ذلك من الكبائر. فإن كان المراد أنَّهن يبرزن بين النساء في الشفوف، وأنَّهن يملن في المشية، ويملن ما يمال من أجسادهن تثنيًا ممَّا ليس من الكبائر، فالكلام حينئذ مراد به نساء معروفات في ذلك العصر جعلن هذه الخلال علامة على رقة عفافهن، فالكلام جرى مجرى الأمارة للتحذير مما تدلُّ عليه تلك الأمارة وليس المقصود نفس الأمارة، فيرجع إلى قريب من التأويل الأوَّل في الوعيد، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015