وجدت في نسخة عتيقة من «الموطإ» بخط ناسخها وراويها عن طرة الشيخ أبي القاسم (يعني ابن بشكوال) ما نصه: هذا الذي في الكتاب كلام منقطع؛ لأنه خال عن ضمير يعود إلى الذي ولا بد منه ضرورة، والذي يرتبط به آخر الكلام بأوله: «الحمد لله الذي لا يعجل شيء أناه وقدره»، والمعنى: أن قضاء الله لا يعدو وقته الذي قدره، والضمير في «أناه» عائد على الله (يعني: الضمير المرفوع) وهو فعل في معنى أخَّره، وقال جرول:
وآنيت العشاء إلى سهيل ... أو الشعرى فطال بي الأناء
ومن كتاب ابن مسرة قال لنا ابن الطلاع: الرواية «لا يعجل شيء أناه» أي: لا يتقدم شيء أخَّره حتى يأتي وقته. قال الوزير (يعني ابن فطيس): كذا وقع في كتاب أبي عيسى كما عندنا: (أي: بكلمة -لا- وبرفع شيء). وحدثنا ابن دليم ثنا أحمد بن خالد أخبرنا علي بن عبد العزيز قراءة عليه ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال: قرأت على مالك بن أنس أنه بلغه كان يقال: «الحمد لله الذي خلق كل شيء كما ينبغي، الذي لم يعجل شيئًا أناه قدره، حسبي الله» إلى آخر الحديث، وهذا الصواب إن شاء الله.
مالك: أنَّه بلغه عن عائشة زوج النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّها قالت: استأذن رجلٌ على النَّبيِّ، قالت عائشة: وأنا معه في البيت، فقال رسول الله: «بئس ابن العشيرة»، ثمَّ أذن له رسول الله، قالت عائشة: فلم أنشب أن سمعت ضحك رسول الله معه، فلمَّا خرج الرَّجل قلت: يا رسول الله قلت فيه ما قلت، ثمَّ لم تنشب أن ضحكت معه، فقال رسول الله: «إنَّ من شرِّ النَّاس من اتَّقاه النَّاس لشرِّه».
أمَّا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بئس ابن العشيرة»، فهو ذمٌّ لما عليه الرجل من كفر أو نفاق أو خبث طوية، ولم يذكر له صفة معيَّنة فليس بغيبة، لأنَّ الذم ليس من الغيبة؛