ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها

وقع فيه رواية: «مالكٌ عن قطن بن وهب بن عمير» كذا رواه يحيى والأكثر. وكذلك رواه عبيد الله عن أبيه يحيى بن يحيى، وأصلحه ابن وضَّاح، فقال: عن قطن ابن وهب عن عويمر، وكذلك وقع في رواية ابن القاسم عن مالك. وقال ابن مسرة: الصواب رواية عبيد الله، كذا في طرة نسخة قوبلت على نسخة ابن بشكوال من رواية شيوخه وقرئت عليه.

* * *

مالكٌ عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله أنَّ أعرابيًّا بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام، فأصاب الأعرابَّي وعكٌ بالمدينة، فأتى رسول الله، فقال: يا رسول الله أقلني بيعتي فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ جاءه، فقال: أقلني بيعتي فأبى، ثمَّ جاءه، فقال: أقلني بيعتي فأبى، فخرج الأعرابيُّ فقال رسول الله: «إنَّما المدينة كالكير تنفي خبثها، وينصع طيبها».

واعلم أنَّ قول جابر: «فقال الأعرابي: يا رسول الله أقلني بيعتي» يحتمل أنَّه أراد أنَّ الأعرابي طلب الإقالة من البيعة المذكورة وهي البيعة على الإسلام، أي أنَّه أراد الارتداد إلى الكفر وهو الظاهر، فيكون طلبه الإقالة جريًا على عادة العرب من احترام العهد، والوفاء به بحيث لا ينقضه أحد إلَّا بعد أن يُقيله من عاهده هو، قال الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58]. وعلى هذا لا إشكال في امتناع الرسول عليه الصلاة والسلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015