الفرس» أنَّ أبا حنيفة قال: ليس السحر بشيءٍ إلَّا أن يكون فيه كفر فيقتل للكفر. قال: وقيل هو ليس بكفر وإنما سبيله سبيل القتل، وإدخال المرض على الغير بالإقرار والشهادة، وهو قول الشافعي. وما سوى ذلك إن أفضى إلى قتل النفس فهو في الظاهر قتل خطأ؛ لأنَّ الساحر لا يقصد القتل وإنَّما يقصد التسخير والتحبيب ونحو ذلك؛ وإن لم يفض إلى قتل النفس كان جناية، كإفساد العقل، وإبطال الرجلة الذي يسمونه العقد، وكخطف البصر والسمع ونحو ذلك، فيجري على حكم جنايته من عمدٍ أو خطأ، وإن لم يفض إلى شيء كالمعاذات، والتمائم، والسلوان فهو تضليل وإدخال رعب على الناس، واستلاب لأموالهم، ففيه التعزير والغرم، فالقول بقتل الساحر على العموم ظاهره غير مستقيم، ولم يثبت في السنة قتل الساحر لأجل فعله السحر، وما أراد مالك إلَّا الساحر الذي دلَّ سحره على الردة؛ لأنَّه قال في روايات عنه في «المدوَّنة»: «يقتل الساحر كفرًا لا حدًّا»، وأشار إلى ذلك هنا في «الموطإ» بقوله: هو مثل الذي قال الله تعالى في كتابه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 102] على أنَّه إن كان كفرًا فحقُّه الاستتابة، اللهم إلَّا أن يكون عدم التفصيل؛ لأن شأن هذا الساحر إخفاء كفره.
وأما ما فعلته حفصة? فلعلها اطَّلعت على كفر الجارية خفية، أو كان ذلك اجتهادًا منها في حكم السحر، والله أعلم.
وقع فيه قوله: «فينزى في ضربه فيموت» فعل ينزي ملازم للبناء للمجهول. وقد مرَّ القول فيه في باب دية الخطأ في القتل.
والضمير المستتر المرفوع ضمير الرجل. و (في) من قوله: «في ضربه» للسببية. أي: من ضربه وبسببه. والضمير المجرور بالإضافة عائد إلى الرجل المنصوب، فهو من