أي: هذا أمر وقع في أيَّام الجاهلية فأقره الإسلام؛ لأنَّه حقٌّ، فإنَّ أحيحة بن الجلاح من أهل يثرب في الجاهلية من سادة بني سالم من الخزرج، وعدَّه ابن حزم في بني عوف ابن الأوس، وكان له الأطم المسمى واقمًا، وكان متزوِّجًا سلمى بنت عمرو النَّجَّارية وكان طلَّقها فتزوَّجها بعده هاشم بن عبد مناف، وهي أمُّ عبد المطلب. وكان له ذكر في أيَّام الأوس والخزرج قبل البعثة بنحو ثمانين سنة التي منها يوم بُعاث الشهير. وكان قد أخذ عمَّه هذا بنيَّة أن يقتله؛ ليرث حظه من ميراث جدِّه الحريش.
وقول عروة: «فلذلك» الإشارة إلى ما تضمَّنه الخبر، وهو قوله: «فأخذه أحيحة فقتله»، أي: لأجل ذلك حرموه ميراثه، ويحتمل أنَّ الإشارة إلى قول أخواله، فيكونوا قالوا ذلك على سبيل الإنكار لعادة قديمة عندهم في استبداد الولي بدم وليه، إذا قتله ليرثه، فكان قولهم وإنكارهم موقظًا أهل الرأي من الأوس إلى أن يسنُّوا سنَّة حرمان القاتل من إرث قتيله، وهذا أظهر.
وقول عروة: «أنَّ رجلًا من الأنصار» يريد من أهل يثرب الذين صار لهم اسم الأنصار فسمَّاهم عروة باسمهم المعروف يوم حدَّث عنهم عروة. فمن هنا توهَّم ابن أبي حاتم أنَّ أحيحة هذا صحابي وأنَّ عروة روى عنه.
* * *
ووقع فيه قوله: «كنَّا أهل ثمِّه ورمِّه حتَّى إذا استوى على عممه غلبنا حقُّ امرئٍ في عمِّه»، ضبط «ثمه ورمه» في نسخة ابن بشكوال بضم أولهما وبفتحه، وضبط «عممه» بضمتين وبفتحتين على العين.
وثبت بميمين في سائر نسخ «الموطإ». ويتعين أن تكون الميم الثانية منهما مشددة لازدواج الأسجاج، وكذلك رواه أبو عبيد، وهو ممن شرح غريب «الموطإ»، واقتصر على تشديد الميم الثانية في «اللسان». ولك في الميم الأولى الفتح على