أن لا تكون تلك الزيادة ما لا يغفل أمثال تاركيها عنها وعن التنقيب عليها.
وليس مثل هذا مما لا يقال من قبل الرأي فيحمل موقوفه من الصحابي على حكم الرفع؛ لأن جميع ما في هذا الحديث يثبت بطريق الرأي. أما صدره فهو حكمة طريقها السبر والمشاهدة، عبرت عن حقيقة صادقة؛ لأن خير الطعام أكثره ثوابًا، وهو ما صادف محتاجًا إليه، وأما عجز الحديث فهو مجال للاجتهاد، فقد يرى المجتهد -إذا حمل صيغة الأمر على الوجوب- أن يثبت لضد المأمور به الحرمة؛ لأن ترك الواجب حرام، وقد تقرر في أصول الفقه أن للمجتهد أن يقول في الحكم الذي طريقه الاجتهاد: هذا حكم الله، ويحتمل أن من رواه مرفوعًا إلى رسول الله كان رفعه مقتصرًا على قوله: «شر الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك المساكين»، فأما قوله: «ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله» فذلك من قول أبي هريرة لا محالة. ولأبي هريرة نظائر أمثال هذه الزيادة في أحاديثه مثل قوله: «هذه من كيس أبي هريرة»، والحديث الذي فيه: «فرطن بالفارسية».
فإن قلت: ما وجه استبعاد أن يكون قوله: «ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله» من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: أما من جهة الإسناد فقد عرفته، وأما من جهة المعنى فللفرق البين بين صيغة الأمر وهي: «فليُجب» فإنها صالحة للحمل على الندب المؤكد وبين الإخبار بقوله: «فقد عصى الله ورسوله»؛ لأن العصيان لا يستعمل في الكراهة وتعليقه باسم الله ورسوله يؤكد أن المقصود منه المعصية التي يعاقب على فعلها في الآخرة. وأصول الشريعة لا تقتضي أن تكون عدم الإجابة