عن التحليل، ولم يفتح نكاح العبد إذا أجازه سيده مع أنه مؤقت بما يبدو من السيد من تقرير أو فسخ؛ فوجه التنبيه على التفرقة بينهما أن لا يظن أحد أن إعراض الزوجين في نكاح المحلل عن التحليل يقتضي تقريره، وهو مراده بقوله: «يفرق بينهما على كل حالٍ»؛ ولهذا ذكر هذا الباب عقب نكاح المتعة، ووجه التفرقة بين نكاح المحلل ونكاح العبد هو أن التوقيت في نكاح المحلل غالب مستمر؛ ولأن الزوجين قد دخلا عليه فمن النادر جدًّا الندور إعراضهما عنه إلى التماسك بنكاحهما؛ بخلاف نكاح العبد بدون إذن سيده فإن الغالب فيه الإجازة من السيد؛ لأن السيد يرغب في إنكاح عبده؛ فهذا وجه التفرقة بينهما فيما رآه مالك رحمه الله تعالى.
وقع فيه قوله: «وإلا سيره شهرين»، ثم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بل لك تسيير أربعة أشهر».
فالتسيير مصدر السير وهو المشي، أطلق مجازًا على الأمان بعلاقة اللزوم؛ لأن العرب كانوا إذا أمنوا سافروا؛ ولذلك كانوا يسيرون في الأشهر الحرم، فأطلق التسيير على التأمين كما أطلقت السياحة، قال تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] أي: كونوا آمنين؛ ولذلك قال عقبه: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]؛ لأن المسافر يفارق قومه فلا يجد نصيرًا؛ ولأنه قد يدخل ديار أعدائه في بعض طريقه، وقد قال له رسول الله: «لك تسيير أربعة أشهر» زيادة في مدة الأمان ولا يريد الأشهر الحرم؛ لأن الأمان فيها معلوم لا يحتاج إلى إيقاع.