ولم يبلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل قتيلاً فله سلبه» إلا يوم حنين.
قال شهاب الدين القرافي في الفرق السادس والثلاثين في المسألة الرابعة: «حمله مالك رحمه الله على أن تصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنَّما تختلف محاملها رعيًا لمقامات التصرف وعلاماته، وأية علامة على أنه تصرف بالإمامة أقوى من كونه تصرُّفًا في غزو، وليس مقام الغزو مقام الفتيا».
وإذ قد كان قتل العدو في الجهاد من لوازم الجهاد، وكان حقُّ الجهاد في المغنم ثابتًا لم يكن لمن قَتل قتيلاً حقٍّ خاص في سلب قتيله؛ لأنه لم يأت عملاً زائدًا على كونه مجاهدًا، فتعين أنَّ التنفيل بالسلب له أسباب خاصة؛ فذلك كان محتاجًا إلى إذن الإمام، وإلى ذلك أوْمأ مالك رحمه الله بقوله هنا: «ولا يكون ذلك من الإمام إلاَّ على وجه الاجتهاد» أي: لمراعاة المصلحة في ذلك فقد يأذن به لكل قاتل كما وقع يوم حنين لحرج موقف جيش المسلمين يومئذ بكثرة عدوِّهم وشدته، كما قال عباس بن مرداس مفتخرًا بقومه بني سليم في جيش المسلمين وبقوة هوزان: