الثاني أولى وأرجح للفارق المعتبر، وهو أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنَّما خرج ناويًا العمرة؛ إذْ كان المشركون يصدُّون المسلمين عن الحجِّ معهم؛ ولذلك قال: «ما أمرهما إلا واحد»، أي: ما أمر الحجِّ والعمر إلَّا واحد في احتمال أن نُصدَّ عنهما معًا أو عن أحدهما أو أن نتمكَّن منهما، فلا وجه للعدول عن نية الحج، وليس المراد أنَّه لما علم بأنَّه سيحصَر نوى الحجَّ ليحصِّل ثواب حجَّة مع العلم بأنَّه لا يتمكن منها؛ لأنَّ ذلك لا يلاقي قوله: «ما أمرهما إلا واحد».
وقوله: «أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة»، أراد به إشاعة ذلك لإفادة حكمه؛ ولأنَّه قد يبلغ ذلك إلى الحجَّاج بن يوسف، فلعلَّه أن يهادن ابن الزبير مدَّة الحج. وقد ظهر أن الناس تمكَّنوا من الحج في ذلك العام، وأن ابن عمر كان في حجته تلك قارنًا؛ ولذلك قال الراوي: «فطاف طوافًا واحدًا ورأى ذلك مُجزئًا عنه»، فمطابقة هذا الحديث للترجمة في مجرَّد قول ابن عمر: «إن صُددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله»، وأما بقية الحديث فهو دليل القِران، فلا يختلط عليك.
وقع فيه اسم «سعيد بن حُزَّابة المخزومي» وهو كذلك في بعض نسخ «الموطإ». وفي معظمها معبد بن حُزابة. ولم أقف على ترجمته فيما رأيت فيمن اسمهم سعيد ولا فيمن اسمهم مَعْبد.
***
ووقع فيه قول مالك: «أو امرأة تُطْلَق»، فهو بضم التاء وسكون الطاء وفتح اللام مبنيًا للمجهول. يقال: طُلقَت المرأة -بضم الطاء وتخفيف اللام- إذا أصابها