وقع فيه قول مالك: «ما لم يكن فيه صباغ زعفران أو ورس». الصباغ بكسر الصاد ما يصبغ به، أي: يدهن ويلون، فقوله: «زعفران أو ورس» بدل من: «صباغ». وضبط في بعض النسخ بالإضافة فتكون بيانه، أو على جعل الزعفران والورس بمعنى النبت، أي: صباغ للزعفران أو الورس، أي: كان من إثر ذلك النبت. ووقع في نسخ «من زعفران» الخ.
المواقيت جمع ميقات. وهو اسم صيغ بوزن المفعال الموضوع للدلالة على آلة الفعل. جعلوا الدالَّ على الوقت بمنزلة الآلة الصانعة له على سبيل الاستعارة لقصد المبالغة في الدلالة. ثمَّ شاع الاستعمال وتنوسي ما فيه من الاستعارة. والميقات مشتق في الأصل من الوقت الذي هو الزمان المقدر لإيقاع فعل ما، ولمَّا توسَّعوا في الاشتقاق من الوقت فعلَ وَقت يَقت، ووقَّت بالتشديد بمعنى قَدر. قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، زادوا في التوسع فأطلقوا التوقيت على تقدير المكان، فقالوا: وقَّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، وسمُّوا الأمكنة التي عٌيِّنت لابتداء إحرام القادم للحجِّ والعمرة مواقيتَ الإحرام، ومواقيت الإهلال.
وقد بينَّها حديث ابن عمر - رضي الله عنه - في «الموطإ». والظاهر أنَّ هذه المواقيت إنَّما حُدِّدت وعيِّنت في الإسلام، كما يرشد إليه عدم تحديد ميقات لأهل العراق في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ العراق لم تفتح للإسلام حينئذ، فلما فُتح العراق أتوا عمر بن الخطاب، فقالوا: إن رسول الله حدَّ لأهل نجد قرنًا وهو جَور عن طرقنا وإنَّا إن أردنا قرنًا شق علينا، قال: فنظروا حذوها من طريقكم فحدَّ لهم ذات عرق، رواه البخاري