إلا كما جاء، وأما لفظ غيره فلا بأس بنقله بالمعنى، وإنما رَخص في زيادة مثل الواو والألف في الحديث والمعنى واحد.
وقد عرف من طريقة جمهور الصحابة في الرواية حرصهم على أداء مقالة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سمعوها .. وفي حديث البخاري في أوائل كتاب الصلاة: أن عمر سأل حذيفة: هل يعلم حديث رسول الله في الفتنة، فقال حذيفة: قلت أنا كما قاله، أي: كما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغير منه شيئًا، وروى الترمذي في آخر «جامعه»: أن مالك بن أنس كان يشدد في حديث رسول الله في الياء والتاء ونحوهما. وفي حديث أبي هريرة في «البخاري» أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن عفريتا تفلت علي البارحة أو كلمة نحوها» إلخ. فهذا يدل على أن أبا هريرة كان يتوخى ألفاظ النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأما الترويج فمالك رحمه الله قد أعرض عن التصنُّع والتحسين في طرق الرواية، وكان يكرَّر أن يقول: قال أبو عبيدة بن محمَّد بن عمار بن ياسر لبعض أهل التصنع: «إذا أخذتم في الساذج تكلمنا معكم، وإذا أخذتم في المنقوش قمنا عنكم». ومن أجل هذا لا تراه يتشدد في تحديد صيغ التحديث ولا في التزام التصريح بـ «قال رسول الله» - صلى الله عليه وسلم -، فكان أغلب الأحاديث المرفوعة في «الموطأ» هي بصيغة «أن رسول الله».
وكان لا يرى فرقًا بين أن يقول المحدث: حدثنا، أو أنبأنا، أو أخبرنا، أو سمعت، أو العنعنة، أو أن رسول الله قال، وقال لأصحابه (حين سألوه أنَقُول: حدثنا أو أخبرنا) «ألست فرغت لكم نفسي، وأقمت لكم زلل الحديث، وسقطه فقولوا حدثنا أو أخبرنا». قال إسماعيل بن أبي أويس سئل مالك عن حديث: أسماع هو؟ فقال: منه سماع ومنه عَرْض وليس العرض عندنا بأدنى من السماع، وكان البخاري يرجِّح العنعنة على قول الراوي: إن فلانًا قال، ومن الغريب أن البخاري روَى