يأكل، وبشرب، ويعود المريض، ويشهد الجنائز، ولا يتطيب. والمعتكف والمعتكفة يدهنان، ويتطيبان، ويأخذ كل واحد منهما من شعره، ولا يشهدان الجنائز، ولا يصليان عليها، ولا يعودان المرضى فأمرهما في النكاح مختلف».

أراد إبداء الفارق بين الإحرام والاعتكاف في أحكام كثيرة، ليظهر أنهما ليسا من جنس واحدٍ وإن اشتراكا في أنَّهما عبادة، واستدل على اختلاف جنسيتهما باختلاف خصائصهما. فإذا تبين اختلاف الجنسين تعين أن لا يكون مُناسب أحد الجنسين مناسبًا للجنس الآخر، فالمنع من عقد النكاح مناسب للإحرام، ولا يلزم أن يكون مُناسب أحد الجنسين مناسبًا للاعتكاف، فلا يقاس الاعتكاف على الإحرام في منع النكاح للمتلبس به، لانتفاء المناسبة بسبب اختلاف الجنسين. والمقصود من هذا فقه في السنة، ودفعٌ لمن قد يَطعن في المأثور من السنة بأنَّه مخالف للقياس، فيتطرق إلى الشك في صحَّة الأثر، وإلَّا فإنَّ الاعتماد في هذا على السنة لا على القياس. ولذا قال مالك في آخر كلامه: «وذلك الماضي من السنة في نكاح المحرم والمعتكف والصائم». وقد يأتي مالك بمثل هذا كما قال في القضاء بالشاهد واليمين: «إنَّه ليكفي في ذلك ما مضى من السنة ولكن المرء قد يُحبُّ أن يعرفه وجه الصواب ومواقع الحجَّة». وهذا المسلك الذ سلكه في هذا الباب يرجع إلى القدح في القياس المفروض أو المقول به بقادح الفرق والقدح في المناسبة.

وقوله: «إنَّ المحرم يأكل ويشرب (أي: في النهار) بخلاف المعتكف»؛ لأنَّ من شرط صحة الاعتكاف أن يكون المعتكف صائمًا صيامًا فرضًا أو نقلاً.

مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ

وقع فيه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرى أعمار الناس قبلة أو ما شاء الله من ذلك».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015