صحته لهذا المعنى، وقد وقع هذا للشافعي كثيرًا في مسائل فقهه. أما مالك فقد جعل للأمر الثالث الحظ الأكبر، فكان بعد صحة سند الأثر يعرضه على عمل علماء المدينة من الصحابة والتابعين، وعلى قواعد الشريعة، وعلى القياس الجَلِي، فكان لا يعمل بخبر الواحد إذا خالف واحدًا من هذه الثلاثة، كما قال بِردِّ حديث خيار المجلس إذا حمل على ظاهر لفظه.
وإذا أحطنا بأسباب رواية الأخبار الموضوعة أو الضعيفة النسبة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجدناها خمسة: افتراءً، أو نسيانًا، أو غلطًا، أو ترويجًا، أو إغرابًا.
فأما الكذب وهو شرها؛ لأنه لا يُقدم عليه إلا ضعيف الدين أو ضعيف العقل، وقد توخَّى مالك رحمه الله للوقاية منه شدَّة نقده للرواية في صحة الدين، واستقامة الفهم، واتباع السنة.
قال سفيان بن عيينة: رحم الله مالكًا ما كان أشد انتقاده للرجل. وقال ابن المديني: لا أعلم أحدًا يقوم مقام مالك في ذلك.
وقال أحمد بن صالح: ما أعلم مالكًا روى عن أحد فيه شيء.
وقال مسلم بن الحجاج في الأحاديث المعنونة بـ «باب إن الإسناد من الدين».
عن بشر بن عمر قال: سألت مالكًا عن رجل، فقال لي: هل رأيته في كتبي؟ قلت: لا. فقال: لو كان ثقةً لرأيته في كتبي.
وقال أبو عمر بن عبد البر في ترجمة ثَور بن زيد الدَّيلي من كتاب «التمهيد» قال: كان (زيد بن ثور) ينسب إلى رأي الخوارج والقول بالقدر، ولم يكن يدعو إلى