يندرج تحت قواعد الاشتقاق التصريفية العامة.
لمَّا كانت الزكاة حق المال، وكان التصرف في مال الصغير موكولًا بحكم الشريعة إلى وليَّه خالف حكم الزكاة بقية أحكام خطاب التكليف، فلم بُعف من وجوبها مال الصغير؛ لأن سبب اشتراط البلوغ في خطاب التكليف، هو أ، خطاب التكليف ما عدا الزكاة أعمال يقوم بها المكلف، ولا تكليف مع الصبا. فأمَّا الزكاة فهي عمل في المال لا في البدن؛ فأعطيت حكم خطاب الوضع في وجوبها في مال الصغير، كما يجب فيه غرم المتلفات، ودفع النفقات، والمهور، وأثمان المبيعات، وقد بيَّنا قبيل هذا أن الزكاة إنما وضعها الشرع في عداد خطاب التكليف تنويهًا بشأنها، وأنها كانت جديرة بأن توضع في عداد خطاب الوضع، فلا شبهة في إيجابها في مال الصبي، على أ، حكمة مشروعيتها كانت تتعطل في أموال كثيرة؛ لكثرة أموال اليتامى؛ فيحرم الفقراء وأهل مصارف الزكاة من حق كثير في غنى واسع؛ ولذلك مضى عمل الصحابة ومَن بعدهم على إخراج الزكاة في مال اليتامى؛ وبذلك أخذ جمهور أئمة الفقه. وخالف أبو حنيفة، فأسقطها عن مال اليتيم؛ تغليبًا لجانب معنى خطاب التكليف.
مالكٌ أنه قال: إن الرجل إذا هلك، ولم يؤد زكاة ماله، أرى أن يؤخذ ذلك من ثُلث ماله، ولا يُجاوز به الثلث، وتبدأ على الوصايا، وأراها بمنزلة الدين عليه، فلذلك رأيت أن تبدأ على الوصايا. قال: وذلك إذا أوصى بها الميتُ؛ فإن لم يوص بذلك الميت؛ ففعل ذلك أهله فذلك حسنٌ، وإن لم يفعل ذلك أهله لم يلزمهم ذلك.
أي: تشبه الدين في حكم التبدئة على بقية الوصايا مثل التدبير، وهذا جمع بين