وقع في أكثر نسخ «الموطأ» الصحيحة كتاب الجنائز عقب كتاب الصلاة ووقع في بعض النسخ كتاب الزكاة إثر كتاب الصلاة، ثم الصيام، ثم الجنائز.

ما جاء في دفن الميت

مالكٌ أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تُوفي يوم الاثنين، ودُفن يوم الثلاثاء وصلى الناس عليه أفذاذًا لا يؤمهم أحدٌ، فقال ناسٌ: «يُدفن عند المنبر، وقال آخرون: يُدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله يقول: «ما دُفن نبيٌّ قط إلا في مكانه الذي تُوفي فيه، فحُفر له فيه. إلخ.

أما صلاتهم أفذاذًا، فقد ذكر الباجي لها وجوهًا.

والذي عندي أنهم رأوا أن الجماعة في صلاة الجنازة شفاعة للميت، ورسول الله هو الشافع للناس، فكانت الصلاة عليه فائدتها للمصلي لا له.

وأما قول أبي بكر في الدفن، فلمَّا علم أبو بكر من ذلك أن هذه سنة الأنبياء السابقين كلهم كما يدل عليه لفظ (قط) المستغرق للزمان الماضي علم أنها كرامة لهم أكرمهم الله بها، حتى لا تنقل الأيدي أجسامهم إلا بقدر الضرورة؛ فكان محمد - صلى الله عليه وسلم - حقيقًا بما لإخوانه من الكرامة، فيكون الاستدلال اجتهادًا من أبي بكر - رضي الله عنه -، ويجوز أن يكون أبو بكر علم من إخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إيَّاه بذلك أنه صدر في معرض التنبيه وإظهار الاستحسان لذلك؛ فيكون كالوصية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يفعل في دفنه مثل ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015