معظم الذين تلقوا الآية وجاء الخوض في طلب تعيين الصلاة الوسطى في آخر عصر الصحابة، فروى لنا خَلَف من درج منهم أن الصلاة الوسطى: هي صلاة الصبح. وقد روى مالك أنه بلغه عن علي، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنها الصبح. وروى غيره أن ذلك أيضًا قول أبي بن كعب، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم. ومن الصحابة من ظن أنَّها العصر ولا مانع من أن يشتدَّ فهم بعض السامعين، ويعتمد على ظهور وصف التوسط في اجتهاده، كما قال زيد بن ثابت رضي الله عنه، إنها الظهر، وكما قال جمعٌ كثيرٌ: إنها العصر. وقد دلَّت قراءة عائشة وحفصة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: «والصلاة الوسطى وصلاة العصر» صريحً أن الوسطى غير العصر فكان ذلك مؤذنًا بأنهما تريانها الصبح لشذوذ ما سوى ذلك من الأقوال في الوسطى. ومن زعم أن عطف «وصلاة العصر» في قراءة عائشة وحفصة لا يقتضي المغايرة، لجواز أن يكون المعطوف مغايرًا للمعطوف عليه بالمعنى دون الذات، كما جاء في عطف الصفات في نحو: قول الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام ... وليث الكتيبة في المزدحم
فقد بعد فهمًا في استعمال العرب؛ لأنَّ ذلك إنما يكون في عطف مفرد على مفرد كما في الشاهد، وإمَّا الآية ففيها عطف مفرد على جمع، فهو من ذكر بعض أفراد العام للاهتمام به، فلا يحتمل معنى غير التنبيه على الاعتناء بإثبات ما سبق له الكلام إليه.
ونحن إذا نظرنا نظر تحقيق لم نجد صلاة جديرة بالتحريض على الحفاظ عليها في غالب أحوال الناس مثل صلاة جديرة بالتحريض على الحفاظ عليها في غالب أحوال الناس مثل صلاة الصبح، فإنها عرضة للتفويت؛ لأنها في وقت يعقب النوم. وقد جاء في الحديث: «إنَّ الشيطان يعقد على قافية المرء ويقول له: عليك ليلٌ