ومبعثه، ثمَّ هَاجر إِلَى الْمَدِينَة. قَالَ: وَيُقَال: مَكَّة من أَرض تهَامَة، وتهامة من أَرض الْيمن، قَالَ: وَفِيه وَجه آخر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذَا القَوْل وَهُوَ يَوْمئِذٍ بتبوك، وَمَكَّة وَالْمَدينَة حِينَئِذٍ بَينه وَبَين الْيمن، وَأَشَارَ إِلَى نَاحيَة الْيمن وَهُوَ يُرِيد مَكَّة وَالْمَدينَة. قَالَ: وَفِيه وَجه ثَالِث: وَهُوَ أَنه أَرَادَ بِهَذَا القَوْل الْأَنْصَار وهم يمانون. [15] وَالْقَسْوَة: الشدَّة. وفيهَا ثَلَاث لُغَات: فتح الْقَاف وَضمّهَا وَكسرهَا. وَكَذَلِكَ الغلظة، والربوة. [15] والفدادون: مُخْتَلف فِي لَفْظَة وَتَفْسِيره: فَأَما لَفظه فالأكثرون على التَّشْدِيد، مِنْهُم الْأَصْمَعِي وثعلب، وَكَانَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ يُخَفف الْفَدادِين وَيَقُول: الْوَاحِد فدان مشدد. وَفِي المُرَاد بالفدان ثَلَاثَة أَقْوَال: أَحدهَا: أَنهم المكثرون من الْإِبِل، الَّذين تعلو أَصْوَاتهم فِي حروثهم ومواشيهم، وهم أهل جفَاء وخيلاء، وَقد رُوِيَ فِي الحَدِيث: " أَن الأَرْض تَقول للْمَيت إِذا دفن فِيهَا: قد كنت تمشي فِي فدادا " أَي ذَا خُيَلَاء وَكبر. وَهَذَا قَول الْأَصْمَعِي. وَالثَّانِي: أَنهم الحمالون والبقارون والحمارون والرعيان، يشتغلون عَن ذكر الله عز وَجل وَالثَّالِث: أَن الْفَدادِين جمع فدان، وَهِي الْبَقَرَة الَّتِي يحرث بهَا، وَالْمعْنَى أَن أَهلهَا أهل جفَاء لبعدهم عَن الْأَمْصَار والتأدب فِيهَا. وَهَذَا مَذْهَب أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ. فعلى هَذَا تكون نِسْبَة الْجفَاء إِلَى الْفَدادِين