روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " تَدور رحى الْإِسْلَام لخمس وَثَلَاثِينَ، أَو سِتّ وَثَلَاثِينَ، أَو سبع وَثَلَاثِينَ، فَإِن يهْلكُوا فسبيل من هلك، وَإِن يقم لَهُم دينهم يقم لَهُم سبعين عَاما " وَرَوَاهُ الْخطابِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود أَيْضا، فَقَالَ فِيهِ: " يقم لَهُم سبعين عَاما " فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، سوى الثَّلَاث وَالثَّلَاثِينَ؟ قَالَ: " نعم ".
قلت: وَفِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ - وَقيل سِتّ وَثَلَاثِينَ - قتل عُثْمَان، فَيمكن أَن يُرِيد بدوران الرَّحَى استقامة الْأَمر، وَيُمكن أَن يُرِيد بذلك زَوَال الاسْتقَامَة بِدَلِيل أَنه فِي بعض أَلْفَاظ الحَدِيث: " إِن رحى الْإِسْلَام ستزول بعد خمس وَثَلَاثِينَ سنة، أَو سِتّ وَثَلَاثِينَ، أَو سبع وَثَلَاثِينَ " وَذكر الزَّوَال أبين، وَالْمعْنَى: تَزُول الرَّحَى عَن استقرارها. فَإِن كَانَت الرِّوَايَة سنة خمس فَفِيهَا قدم أهل مصر وحصروا عُثْمَان، وَإِن كَانَت سنة سِتّ فَفِيهَا خرج طَلْحَة وَالزُّبَيْر إِلَى الْجمل، وَإِن كَانَت سنة سبع فَفِيهَا كَانَت صفّين، فتغيرت الْأَحْوَال فِي هَذِه الْأَشْيَاء ثمَّ استقام الْملك إِلَى انْقِرَاض ملك بني أُميَّة وعادت الْفِتَن.
وَفِي بعض أَلْفَاظ الحَدِيث: " إِن رحى الْإِسْلَام ستزول بعد خمس وَثَلَاثِينَ سنة، فَإِن يصطلحوا فِيمَا بَينهم يَأْكُلُوا الدُّنْيَا سبعين عَاما رغدا، وَإِن يقتتلوا يركبُوا سنَن من كَانَ قبلهم " وَقَالَ الْخطابِيّ: قَوْله: