فَمَا رَأَيْت أحدا وَقع على الْمَقْصُود بِهِ، وَأَلْفَاظه مُخْتَلفَة لَا أَشك أَن التَّخْلِيط فِيهَا من الروَاة، وَبقيت مُدَّة لَا يَقع لي فِيهِ شَيْء، ثمَّ وَقع لي فِيهِ شَيْء فسطرته، ثمَّ رَأَيْت أَبَا سُلَيْمَان الْخطابِيّ قد أَشَارَ إِلَى مَا وَقع لي، ثمَّ وَقع إِلَيّ كَلَام لأبي الْحُسَيْن بن الْمُنَادِي على هَذَا الحَدِيث على وَجه آخر، ثمَّ وَقع لي حَدِيث يدل على وَجه ثَالِث، وَهَاهُنَا أذكر الْوُجُوه الثَّلَاثَة:
أما الْوَجْه الأول الَّذِي وَقع لي ثمَّ رَأَيْت من كَلَام الْخطابِيّ مَا يُوَافقهُ: فَهُوَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا يكون بعده وَبعد أَصْحَابه، لِأَن حكم أَصْحَابه مُرْتَبِط بِحكمِهِ، فَأخْبر عَن الولايات الْوَاقِعَة بعد ذَلِك وَأَنَّهَا تتمّ لأربابها فِي هَذِه الْمدَّة ثمَّ تنْتَقل الْإِمَارَة، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بذلك إِلَى مُدَّة ولَايَة بني أُميَّة فَيكون مُرَاده بقوله: " لَا يزَال الدّين " يَعْنِي الْولَايَة وَالْملك إِلَى أَن يذهب اثْنَا عشر خَليفَة ثمَّ تنْتَقل الْإِمَارَة، وَهَذَا على شرح الْحَال فِي استقامة السلطنة لَا على طَرِيق الْمَدْح لولاية بني أُميَّة. فَأول الْقَوْم يزِيد بن مُعَاوِيَة، ثمَّ ابْنه مُعَاوِيَة بن يزِيد - وَلَا يذكر ابْن الزبير لكَونه معدودا فِي الصَّحَابَة، وَلَا مَرْوَان بن الحكم لكَونه بُويِعَ لَهُ بعد بيعَة ابْن الزبير، وَكَانَ ابْن الزبير أولى مِنْهُ فَكَانَ هُوَ فِي مقَام غَاصِب - ثمَّ عبد الْملك، ثمَّ الْوَلِيد، ثمَّ سُلَيْمَان، ثمَّ عمر بن عبد الْعَزِيز، ثمَّ يزِيد بن عبد الْملك، ثمَّ هِشَام بن عبد الْملك، ثمَّ الْوَلِيد ابْن يزِيد، ثمَّ يزِيد بن الْوَلِيد بن عبد الْملك، ثمَّ إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد، ثمَّ مَرْوَان بن مُحَمَّد، فَهَؤُلَاءِ اثْنَا عشر. ثمَّ خرجت الْخلَافَة مِنْهُم وانتقلت إِلَى بني الْعَبَّاس صلوَات الله عَلَيْهِ. وَمِمَّا يُقَوي هَذَا القَوْل مَا