وَقد قَالَ عز وَجل: {قل انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} [يُونُس: 101] {أفلم ينْظرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقهم كَيفَ بنيناها} [ق: 6] وَفِي هَذَا رد على جهلة المتعبدين الَّذين وصفوا بِأَن أحدهم بَقِي سِنِين لَا يرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء حَيَاء من الله عز وَجل، وَلَوْلَا جهل هَؤُلَاءِ لعلموا أَن إطراقهم إِلَى الأَرْض فِي بَاب الْحيَاء كرفع الْأَبْصَار إِلَى السَّمَاء، وَلَكِن الْجَهْل يتلاعب بالعباد والزهاد، فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا علماؤهم.
وَقَوله: " أَنا أَمَنَة لِأَصْحَابِي " الأمنة: الْأَمْن.
وَقَوله: " أَتَى السَّمَاء مَا توعد " إِشَارَة إِلَى تشققها وذهابها.
وَقَوله: " أَتَى أَصْحَابِي مَا يوعدون " إِشَارَة إِلَى وُقُوع الْفِتَن، وَكَذَلِكَ عِنْد ذهَاب أَصْحَابه. وَالْإِشَارَة إِلَى مَجِيء الشَّرّ عِنْد ذهَاب أهل الْخَيْر، فَإِنَّهُ لما كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام بَين أظهرهم كَانَ يبين مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَيَدْعُو إِلَى الصَّوَاب، فَلَمَّا عدم جالت الاراء وَاخْتلفت، إِلَّا أَن كل صَحَابِيّ يسند القَوْل إِلَى الرَّسُول فِي قَول أَو فعل أَو دلَالَة حَال، فَلَمَّا فقدت الصَّحَابَة قل النُّور وقويت الظُّلم.
395 - / 281 - وَفِي الحَدِيث الرَّابِع: " يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة نَاس من الْمُسلمين بذنوب أَمْثَال الْجبَال يغفرها الله لَهُم ويضعها على الْيَهُود وَالنَّصَارَى ".
فَإِن قيل: كَيفَ يكون هَذَا وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} [فاطر: 18] 417 فَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: