391 - / 475 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي من أَفْرَاد البُخَارِيّ: " مثل الْمُسلمين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى كَمثل رجل اسْتَأْجر قوما يعْملُونَ لَهُ عملا إِلَى اللَّيْل على أجر مَعْلُوم، فعملوا لَهُ إِلَى نصف النَّهَار، فَقَالُوا: لَا حَاجَة لنا إِلَى أجرك الَّذِي شرطت لنا، وَمَا عَملنَا بَاطِل، واستأجر آخَرين فَقَالَ: أكملوا بَقِيَّة يومكم هَذَا وَلكم الَّذِي شرطت لَهُم من الْأجر، فعملوا حَتَّى إِذا كَانَ حِين صَلَاة الْعَصْر قَالُوا: مَا عَملنَا بَاطِل وَلَك الْأجر الَّذِي جعلت لنا، فاستأجر قوما فعملوا بَقِيَّة يومهم حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس واستكملوا أُجْرَة الْفَرِيقَيْنِ، فَذَلِك مثلهم وَمثل مَا قبلوا من هَذَا النُّور ".
هَذَا مثل مَضْرُوب لعمل الْيَهُود وَالنَّصَارَى، فَإِن الْيَهُود طَال زمن عَمَلهم وَزَاد على مُدَّة النَّصَارَى، وَلِأَنَّهُ كَانَ بَين مُوسَى وَعِيسَى - فِي رِوَايَة أبي صَالح ابْن عَبَّاس - ألف سنة وسِتمِائَة سنة وَاثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ سنة، وَفِي قَول ابْن إِسْحَق ألف سنة وَتِسْعمِائَة وتسع عشرَة سنة، وَلَا يخْتَلف النَّاس أَنه كَانَ بَين عِيسَى وَنَبِينَا صلى الله عَلَيْهِمَا سِتّمائَة سنة، فَلهَذَا جعل عمل الْيَهُود من أول النَّهَار إِلَى وَقت الظّهْر، وَجعل عمل النَّصَارَى من الظّهْر إِلَى الْعَصْر. ثمَّ قد اتّفق أَيْضا تَقْدِيم الْيَهُود على النَّصَارَى فِي الزَّمَان مَعَ طول عمل أُولَئِكَ وَقصر عمل هَؤُلَاءِ. فَأَما عمل الْمُسلمين فَإِنَّهُ جعل مَا بَين الْعَصْر إِلَى الْمغرب، وَذَاكَ أقل الْكل فِي مُدَّة الزَّمَان.
فَرُبمَا قَالَ قَائِل: فَهَذِهِ الْأمة قد قاربت سِتّمائَة سنة من بعثة