ترى دَارا صَغِيرَة فَتَقول: هَذِه الدَّار لَا ينزلها أَمِير، أَي حكمهَا هَذَا وَقد ينزلها.

وَالْخَامِس: أَن النَّاس إِذا وقفُوا فِي الْعرض ميز من يدْخل الْجنَّة مِمَّن يدْخل النَّار، فالعصاة يدْخلُونَ النَّار لَا الْجنَّة، فَأَما خُرُوجهمْ بعد احتراقهم فَذَاك حكم آخر، فَكَأَن المُرَاد: لَا يدْخل الْجنَّة ابْتِدَاء وَإِنَّمَا يدْخل النَّار، وعَلى هَذَا تَفْسِير قَوْله: " لَا يدْخل الْجنَّة قَتَّات "، وَيبقى على هَذَا الْوَجْه قَوْله: " وَلَا يدْخل النَّار من فِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان " فَيكون الْمَعْنى: لَا يدخلهَا دُخُول تخليد.

وَالسَّادِس: أَنه إِذا أذن لأهل الْجنَّة فِي الدُّخُول نزع كبر المتكبر وغل الحقود، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} [الْأَعْرَاف: 43] وَهَذَا اخْتِيَار أبي بكر الْأَثْرَم، قَالَ ابْن عَبَّاس: أول مَا يدْخل أهل الْجنَّة الْجنَّة تعرض لَهُم عينان، فيشربون من إِحْدَى الْعَينَيْنِ فَيذْهب الله مَا فِي قُلُوبهم من غل وَغَيره مِمَّا كَانَ فِي الدُّنْيَا، ثمَّ يدْخلُونَ إِلَى الْعين الْأُخْرَى فيغتسلون فِيهَا فتشرق ألوانهم، وتصفو وُجُوههم، وتجري عَلَيْهِم نَضرة النَّعيم.

وَقَوله: " الْكبر بطر الْحق " التكبر عَن الْإِقْرَار بِهِ، والطغيان فِي دَفعه.

قَالَ أَبُو عبيد: وغمط النَّاس: الاحتقار لَهُم والإزراء بهم، وَمثله غمص النَّاس بالصَّاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015