وَالْخَامِس: الْوَاحِدَة من الهباء الظَّاهِر فِي ضوء الشَّمْس إِذا طلعت من ثقب، ذكرهمَا أَبُو إِسْحَق الثَّعْلَبِيّ.
فَأَما الْكبر فَهُوَ العظمة، يُقَال: تكبر فلَان عَن كَذَا: إِذا تعظم عَنهُ، قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: من رأى أَنه خير من غَيره فقد استكبر.
فَإِن قيل: فالكبر لَا يُوجب الْكفْر، فَكيف يمْنَع دُخُول الْجنَّة؟
فَالْجَوَاب من سِتَّة أوجه:
أَحدهمَا: أَن يُرَاد بِالْجنَّةِ بعض الْجنان، لِأَنَّهَا جنان فِي جنَّة، فَيكون الْمَعْنى: لَا يدْخل الْجنَّة الَّتِي هِيَ أشرف الْجنان وأنبلها، وَيشْهد لهَذَا مَا رُوِيَ عَن عبد الله بن عَمْرو أَنه قَالَ: لَا يدْخل حَظِيرَة الْقُدس سكير وَلَا عَاق وَلَا منان.
وَالثَّانِي: أَن تكون مَشِيئَة الله تَعَالَى مضمرة فِي هَذَا الْوَعيد، فَيكون الْمَعْنى: إِلَّا أَن يَشَاء الله، ذكر الْقَوْلَيْنِ ابْن خُزَيْمَة.
وَالثَّالِث: أَن يكون المُرَاد كبر الْكفْر، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّهُم كَانُوا إِذا قيل لَهُم لَا إِلَه إِلَّا الله يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات: 35] أَي يتعظمون عَن قَوْلهَا، فعلى هَذَا كبر الْكَافِر مَنعه من الْإِيمَان، فَلَا يدْخل الْجنَّة، يدل على صِحَة هَذَا الْوَجْه أَنه قَابل الْكبر بِالْإِيمَان، فَقَالَ: " وَلَا يدْخل النَّار أحد فِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان ".
وَالرَّابِع: أَن يكون الْمَعْنى: حكم هَذَا أَلا يدْخل الْجنَّة، وَحكم هَذَا أَلا يدْخل النَّار، كَقَوْلِه تَعَالَى فِي قَاتل الْمُؤمن {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا} [النِّسَاء: 93] أَي: إِن جازاه فَهَذَا قدر اسْتِحْقَاقه. وَمثل هَذَا فِي الْكَلَام أَن