فِيهَا التَّسْبِيح، فتجمع حَتَّى توازن الْعَرْش.
وَالثَّانِي: أَن يُرَاد بذلك الْكَثْرَة وَالْعَظَمَة، فشبهت بأعظم الْمَخْلُوقَات.
وَقَوله: " ومداد كَلِمَاته " أَي قدر مَا يوازنها فِي الْعدَد وَالْكَثْرَة. والمداد بِمَعْنى المدد، قَالَ الشَّاعِر:
(رَأَوْا بارقات بالأكف كَأَنَّهَا ... مصابيح سرج أوقدت بمداد)
أَي بمدد من الزَّيْت. فَيكون الْمَعْنى: أَنه يسبح الله على قدر كَلِمَاته عيار كيل أَو وزن. وَهَذَا تَمْثِيل يُرَاد بِهِ التَّقْرِيب؛ لِأَن الْكَلَام لَا يدْخل فِي الْوَزْن وَلَا يَقع فِي المكاييل.
وَقَوله: " لقد قلت كَلِمَات لَو وزنت بِمَا قلت وزنتهن " فِي هَذَا تَنْبِيه على فَضِيلَة الْعلم؛ فَإِن الْعَاميّ يكثر من التَّسْبِيح، فيهتدي الْعَالم بِالْعلمِ إِلَى جَمِيع مَا فعله ذَلِك فِي كَلِمَات يسيرَة، وينال فِي التَّعَبُّد الْقَلِيل بِالْعلمِ مَا لَا يَنَالهُ الْعَاميّ فِي الْكثير، فمثلهما كَمثل مسافرين أَحدهمَا جَاهِل بالجادة، فَإِن طَرِيقه تطول، وَالْآخر خَبِير بهَا، فَإِنَّهُ يقطع الطَّرِيق وينام فِي الظل إِلَى أَن يصل الْجَاهِل.
2700 - / 3498 - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث: قَوْله فِي الصَّدَقَة: " قد بلغت محلهَا ".
الْمحل بِكَسْر الْحَاء: مَوضِع الْحُلُول والاستقرار. وَالْمعْنَى: أَنه قد حصل الْمَقْصُود مِنْهَا من ثَوَاب التَّصَدُّق، ثمَّ صَارَت ملكا لمن وصلت إِلَيْهِ.