وَقَوله: " {يَا أهل الْكتاب} الْآيَات [آل عمرَان: 64] دَلِيل على جَوَاز كِتَابَة آيَة أَو آيَتَيْنِ مِمَّا يَقع بِهِ الْإِنْذَار إِلَى أَرض الْعَدو، وَلَا يُعَارض بقوله: " لَا تسافروا بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو "؛ لِأَن المُرَاد بذلك السُّور والآيات الْكَثِيرَة.
وَأما اللَّغط فَهُوَ الْأَصْوَات الَّتِي لَا تفهم.
وَقَوله: أَمر أَمر ابْن أبي كَبْشَة. أَمر بِمَعْنى عظم وارتفع. وَأما أَبُو كَبْشَة فأنبأنا أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب النَّحْوِيّ قَالَ: أخبرنَا أَبُو جَعْفَر بن الْمسلمَة قَالَ: أخبرنَا أَبُو طَاهِر المخلص قَالَ: أَنبأَنَا أَحْمد بن سُلَيْمَان بن دَاوُد الطوسي قَالَ: أخبرنَا الزبير بن بكار قَالَ: أول من عبد الشعرى أَبُو كَبْشَة، واسْمه وجز بن غَالب بن عَامر، وَكَانَ يَقُول: إِن الشعرى تقطع السَّمَاء عرضا، وَلَا أرى فِي السَّمَاء شمسا وَلَا قمرا وَلَا نجما يقطع السَّمَاء عرضا غَيرهَا. وَالْعرب تسمي الشعرى العبور؛ لِأَنَّهَا تعبر السَّمَاء عرضا.
ووجز هُوَ أَبُو كَبْشَة الَّذِي كَانَت قُرَيْش تنْسب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جده من قبل أمه، وَالْعرب تظن أَن أحدا لَا يعْمل شَيْئا إِلَّا بعرق نَزعه شبهه، فَلَمَّا خَالف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دين قُرَيْش قَالَ مشركو قُرَيْش: نَزعه أَبُو كَبْشَة، فَإِن أَبَا كَبْشَة خَالف النَّاس بِعِبَادَتِهِ الشعرى. وَكَانَ أَبُو كَبْشَة سيدا فِي خُزَاعَة، لم يعيروا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نقص كَانَ فِيهَا، وَلَكِن لما خَالف دينهم نسبوه إِلَى خلاف أبي كَبْشَة، فَقَالُوا: خَالف كَمَا خَالف أَبُو كَبْشَة.