عصمتهن قد انْقَطَعت.

قَالَ الزّجاج: وأصل الْعِصْمَة الْحَبل، وَالْمعْنَى قد انبت عقد النِّكَاح.

وَقَوله تَعَالَى: {واسألوا مَا أنفقتم} أَي إِن لحقت امْرَأَة مِنْكُم بِأَهْل الْعَهْد من الْكفَّار مرتدة فسلوهم مهرهَا إِذا لم يدفعوها إِلَيْكُم. {وليسألوا} يَعْنِي الْمُشْركين الَّذين لحقت أَزوَاجهم بكم مؤمنات، ليطلبوا مهورهن مِمَّن يتزوجهن مِنْكُم. وَالْمعْنَى: عَلَيْكُم أَن تغرموا الْمهْر كَمَا يغرمون لكم.

وَقَوله تَعَالَى: {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار فعاقبتم} أَي أصبتموهم بعقوبة حَتَّى غَنِمْتُم. وَقَالَ الزّجاج: كَانَت العقبى لكم بِأَن غلبتم {فآتوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم} أَي أعْطوا الْأزْوَاج من رَأس الْغَنِيمَة مَا أَنْفقُوا، وَهُوَ الْمهْر.

وَاعْلَم أَن هَذِه الْأَحْكَام من أَدَاء الْمهْر، وَأَخذه من الْكفَّار، وتعويض الزَّوْج من الْغَنِيمَة، كل ذَلِك مَنْسُوخ بِآيَة السَّيْف، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي زمَان الْهُدْنَة.

وَأما أَبُو بَصِير فاسمه عتبَة بن أسيد بن جَارِيَة، أسلم بِمَكَّة قَدِيما، فحبسه الْمُشْركُونَ عَن الْهِجْرَة، وَذَلِكَ قبل عَام الْحُدَيْبِيَة، فَلَمَّا نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحُدَيْبِيَة وقاضى قُريْشًا على مَا قاضاهم عَلَيْهِ وَقدم الْمَدِينَة أفلت أَبُو بَصِير من قومه، فَسَار على قَدَمَيْهِ سبعا حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015