قلت: وَالَّذِي ذهبت إِلَيْهِ أَنا أصح مِمَّا قَالَ الْخطابِيّ، لِأَنَّهُ لَو ثَبت أَن الْأَرْبَعين هِيَ الْحَد مَا جَازَ تجاوزها، وَلَو كَانَ مَا بعْدهَا تعزيراً لم يبلغ عَددهَا؛ فَإِن التَّعْزِير لَا يرتقي عندنَا إِلَى حد الْحَد. قَالَ الْخرقِيّ من أَصْحَابنَا: لَا يُبَالغ بالتعزير أدنى الْحُدُود. على أَنه قد قَالَ مَالك: يفعل الإِمَام مَا يُؤَدِّيه اجْتِهَاده إِلَيْهِ وَإِن زَاد على الْحَد.
وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي عدد الضَّرْب فِي الْخمر: وَفِيه عَن أَحْمد رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهمَا: ثَمَانُون، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمَالك. وَالثَّانيَِة: أَرْبَعُونَ، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي.
وَقَول عَليّ: وَهَذَا أحب إِلَيّ؛ لِأَنَّهُ قد رُوِيَ عَن رَسُول الله أَنه ضرب نَحْو الْأَرْبَعين.
98 - / 107 - الحَدِيث الْخَامِس: عَن عبيد الله بن عدي أَنه دخل على عُثْمَان وَهُوَ مَحْصُور، فَقَالَ: إِنَّك إِمَام الْعَامَّة، وَقد نزل بك مَا ترى، وَهُوَ يُصَلِّي لنا إِمَام فتْنَة، وَأَنا أتحرج من الصَّلَاة مَعَه. فَقَالَ عُثْمَان: إِن الصَّلَاة أحسن مَا يعْمل النَّاس، فَإِذا أحسن النَّاس فَأحْسن مَعَهم، وَإِذا أساءوا فاجتنب إساءتهم.
وَقَوله: إِنَّك إِمَام الْعَامَّة. يَعْنِي الْعُمُوم.
وَقَوله: يُصَلِّي لنا إِمَام فتْنَة: أَي يؤمنا. وَكَانَ الَّذين خَرجُوا على عُثْمَان قد هجموا على الْمَدِينَة، وَعُثْمَان يخرج فَيصَلي بِالنَّاسِ وهم