درُّهم، كم ذَبُّوا عن هذا الدين تحريفَ الجاهلين، وحفظوه من تأويل الغالين، ولولاهم لَدَرَسَتِ الآثار" واضمحلَّت الأخبار.
وقد اعتنوا -رحمهم الله- بحفظ أصولها، وجمع مفرداتها، وبيان حال رجالاتها، وشرحِ غريب مفرداتها، وقرَّبوا حفظها لكل مسلم، واختلفت مقاصدُهم في جمعها وتأليفها وترتيبها، فمنهم من اعتمد على ذكر أحاديث الترغيب والترهيب، ومنهم من قصد جمع أحاديث الأحكام، وغير ذلك.
وكان كتاب: "العمدة في الأحكام، في معالم الحلال والحرام، عن خير الأنام محمَّد - عليه الصلاة والسلام - "، مما اتفق عليه الشيخان، للإمام الحافظِ الكبير تقيِّ الدين أبي محمدٍ عبدِ الغنيِّ بنِ عبدِ الواحدِ بنِ عليِّ بنِ سرورٍ المقدسيِّ - رحمه الله - من بين تلك الكتب المعتمدة في الإِسلام، التي اشتملت على جملة من الأحاديث النبوية التي ترجع أصول الأحكام إليها، ويعتمد علماء أهل الإِسلام عليها، "وقد طار -كتابه- في الخافِقَين ذكرُه، وذاع بين الأئمة نشرُه، واعتنى الناس بحفظه وتفهمه، وأكبوا على تعليمه وتعلمه، لا جرم اعتنى الأئمة بشرحه، وانتدبوا لإبراز معانيه عن سهام قَدْحِه" (?).
وكان من أولئك العلماء الذي عكفوا على شرحه، وبيان أحكامه ومسائله: الإمامُ، العلامةُ، بقيةُ السلف، وقدوةُ الخلف، الشيخُ محمدُ بنُ أحمدَ السَّفارينيُّ الحنبليُّ، الذي يعتبر كتابه هو الأولَ من بين شروح العمدة الذي تناول فقه الحنابلة، والذي جاء كتاب "العمدة" لتقويته واعتماده، وهو الأول من بين شروح العمدة الذي اعتمد كلام محققي علماء الإِسلام