{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
قال عمه العباس -رضي الله عنه -: "والله ما مات رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ترك السبيلَ نهجاً واضحاً، وأحلَّ الحلال، وحرَّمَ الحرام، ونكح وطَلَّق، وحارب وسالَم، وما كان راعي غنم يتبع بها رؤوس الجبال، يخبط عليها العِضاه بمخبطته، ويَمْدُر حوضَها بيده، بأنصبَ ولا أدأبَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان فيكم" (?).
ولما كان طريقُ معرفة سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - النقلَ والرواية, وجب أن يكون السبيلُ إلى معرفة صحَّتهما محفوظاً أيضًا، ولهذا اختار الله -عَزَّ وَجَلَّ- رجالاً جعلهم حَفَظَةَ الدينِ وخَزَنتَهُ، وأوعيةَ العلمِ وحَمَلَتَهُ، "أمعنوا في الحفظ، وأكثروا في الكتابة، وأفرطوا في الرحلة، وواظبوا على السنن والمذاكرة، والتصنيف والدراسة، حتى إن أحدهم لو سُئلَ عن عدد الأحرف في السنن لكل سُنَّةٍ منها، عدَّها عدّاً، ولو زيد فيها ألف أو واو، لأخرجها طوعاً، ولأظهرها ديانة" (?)، "سلكوا محجَّةَ الصالحين، واتبعوا آثار السلف من الماضين، ودفعوا أهلَ البدع والمخالِفين بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله أجمعين، آثروا قطعَ المفاوزِ والقِفار، على التنعُّم في الدِّمَنِ والأوطار، فعقولهم بلذاذة السنة غامرة، وقلوبهم بالرضاء في الأحوال عامرة، تعلُّمُ السنن سرورُهم، ومجالسُ العلم حُبورُهم" (?). فلله