قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أسكر كثيرُه، فقليلُه حرام"، وتقدم في الحديث الذي قبله (?)، وقد أخرج ابنُ حبان، والطحاوي من حديث عامرِ بنِ سعدِ بن أبي وقاص، عن أبيه، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أنهاكم عن قليلِ ما أسكرَ كثيرُه" (?).

وقد اعترف الطحاوي بصحة هذه الأحاديث، لكن قال: اختلفوا في تأويل الحديث، فقال بعضهم: أراد به جنسَ ما يُسكر، وقال بعضهم: أراد به ما يقع السكرُ عنده، ويؤيده أن القاتل لا يسمى قاتلًا حتَّى يَقتل، قال: ويدل له حديث ابن عباس، رفعه: "حُرِّمَتِ الخمرُ قليلُها وكثيرُها، والسُّكرُ من كلِّ شراب" (?).

قال في "الفتح": أخرجه النَّسائي (?)، ورجاله ثقات، إلَّا أنه اختلف في وصله وانقطاعه، وفي رفعه ووقفه، وعلي تقدير صحته، فقد رجح الإمام أحمد وغيره أن الرواية فيه بلفظ: المُسْكِر (?) -بضم الميم وسكون السين المهملة- لا السُّكْرُ -بضم فسكون-، أو بفتحتين، وعلى فرض ثبوتها، فهو حديث فرد، ولفظه محتمل، فكيف يعارض عموم تلك الأحاديث مع صحتها وكثرتها؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015