قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": لم أقف على اسم السائل في حديثٌ عائشة هذا صريحًا، لكنني أظنه أبا موسى الأشعري؛ فقد روى الشيخان من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه، عن أبي موسى: أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى اليمن، فسأله عن أشربةٍ تُصنع بها، فقال: "ما هي؟ "، قال: البِتْعُ والمِزْرُ، قال: "كلُّ مسكرٍ حرام"، قلت لأبي بردة: ما البتعُ؟ قال: نبيذ العسل (?).
(فقال) - صلى الله عليه وسلم - في جواب السائل: (كلُّ شرابٍ أسكرَ)، وفي لفظٍ لمسلم: "كل شرابٍ مسكرٍ (فهو حرام) ".
قال الحافظ المصنف -رحمه الله تعالى-: (البتعُ: نبيذُ العسل) كما تقدم في تفسير خمر العسل، وما تقدم يشعر في الأحاديث بأن التفسير من المرفوع.
وقد صحح حديثَ عائشة هذا الإمامُ أحمد، وابنُ معين، واحتجا به.
ونقل ابن عبد البر إجماعَ أهل العلم بالحديث على صحته، وأنه أثبتُ شيء يروى عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في تحريم المسكر (?).
وأما ما نقله بعضُ فقهاء الحنفية عن ابن معين من طعنه فيه، فلا يثبت ذلك عنه (?)، ويكفي من ذلك كله اتفاقُ الشيخين البُخاريّ ومسلم على تصحيحه، وتخريجه، وتصريح إمامَيْ أهلِ الجرح والتعديل: أحمدَ بنِ حنبلٍ، ويحيى بنِ مَعينٍ على صحته، فلم يبق لمن زعم عدمَ صحته ما يتمسَّكُ به من عدم الثبوت، إلَّا ما هو أضعفُ وأوهى من خيوط بيتِ العنكبوت.