وخرج أنس إلى الجمعة، فرأى الناس قد صلَّوا ورجعوا، فاستحيا، ودخل موضعًا لا يراه الناس فيه، وقال: من لا يستحي من الناس، لا يستحي من الله.

وخرّجه الطبراني مرفوعًا (?)، ولا يصح رفعُه.

وإن أتى ذلك لاعتقاده أنه حلال، إما باجتهاد سائغ، أو تقليد سائغ، وكان مخطئًا في اعتقاده، فلا حرج عليه.

فإن كان الاجتهاد ضعيفًا، والتقليد غيرَ سائغ، وإنما حمل عليه مجردُ اتباع الهوى، فحكمُه حكم من أتاه مع اشتباهه عليه، وقد أخبر -عليه الصَّلاة والسَّلام- عن الذي يأتي الشبهات: أنه قد وقع في الحرام. وهذا -يعني: كونَ مرتكب الشبهة قد وقع في الحرام- يفسر بمعنيين:

أحدهما: أن ارتكابه الشبهةَ مع اعتقاده أنَّها شبهة ذريعة إلى ارتكابه الحرام الذي يعتقده أنه حرام بالتدريج والتسامح.

وفي رواية في "الصحيحين" لهذا الحديث: "ومن اجترأَ على ما يشكُّ فيه من الإثم، أَوْشَكَ أن يواقعَ ما استبانَ" (?).

وفي رواية: "ومن يخالطِ الريبةَ، يوشكْ أن يَجْسُر" (?)؛ أي: يقرب أن يقدم على الحرام المحض، والجَسُور: المقدامُ الذي لا يهاب شيئًا، ولا يراقب أحدًا (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015