والطعن فيه؛ كما قال بعض السلف: من عرض نفسه للتهم، فلا يلومن من أساء به الظن.
وفي رواية للترمذي في هذا الحديث: "من تركها استبراءً لدينه وعرضه، فقد سلم" (?)، والمعنى: أنه تركها بهذا القصد، وهو براءة دينه وعرضه من النقص، لا لغرضٍ آخرَ فاسدٍ من رياءٍ ونحوه.
وفيه: دليل على أن طلب البراءة للعرض ممدوح؛ كطلب البراءة للدين، ولهذا ورد: أن ما وقى به المرءُ عرضَه، فهو صَدَقَة.
وفي رواية في "الصحيحين" في هذا الحديث: "فمن تركَ ما يشتبه عليه من الإثم، كان لِما استبانَ أتركَ" (?)؛ يعني: أنّ من ترك الإثم مع اشتباهه عليه، وعدمِ تحقُّقه، فهو أولى بتركه إذا استبان له أنه إثم، وهذا إذا كان تركه تحرُّزًا من الإثم، فأما من يقصد التصنُّعَ للناس، فإنه لا يترك إلا ما يظن أنه ممدوح عندهم (?).
القسم الثاني: ما أشار إليه بقوله: (ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام) مع كونها مشتبهة عنده، فأما من أتى شيئًا مما يظنه الناس شبهة؛ لعلمه بحله في نفس الأمر، فلا حرج عليه من الله في ذلك.
لكن إذا خشي من طعن الناس عليه بذلك، كان تركُها حينئذٍ استبراءً لعرضه، فيكون حسنًا، وهذا كما قال - صلى الله عليه وسلم - لمن رآه واقفًا مع صفية: "إنها صفيةُ بنتُ حُيَيّ" (?).