فإن لم ينو به الله، أو نوى به غيره، لم يكن يمينًا، وإن نواه، كان يمينًا، فإذا قال: وعلمِ الله لأفعلنَّ كذا، أو لا فعلتُ كذا، فهذا يمينٌ عند الثلاثة (?).
وقال أبو حنيفة: لا يكون يمينًا استحسانًا.
قال الوزير ابنُ هبيرة: الذي أراه في هذا: أن أبا حنيفة لم يكن مرتابًا في علم الله؛ فإنَّ علم الله صفة من صفات ذاته، فإذا حلف بها حالف، وحنث، لزمته الكفارة، وإنما الذي أراه في مقصده لذلك: أن العلم يتناول المعلوماتِ كلَّها، فإذا قال القائل: وعلمِ الله، فيجوز أن يصرف أن الله قد علم منه أنه ما أراد إلا عزمه وقصده وتصحيحه، ويجوز أن يكون قد حلف بصفة الله التي هي العلم، فلما تردد الأمر في احتمال هذا النطق بين هذين المعنيين، لم ير انعقاد اليمين به.
قال الوزير: ثم إنني بعد كلامي هذا، علمت أن المروزي، وأبا زيد ذَكَرا نحوًا منه (?)، واختلفوا فيما إذا قال: وحقِّ الله، فقال الثلاثة: تنعقد يمينه.
وقال أبو حنيفة: لا يكون يمينًا.
واختلفوا فيما إذا حلف بالمصحف، فقال مالك وأحمد: تنعقد يمينه، فإن حنث، فعليه الكفارة، وهو مذهب الشافعي أيضًا.
قال ابن هبيرة: وقد نقل في ذلك خلاف، لكن عَمَّن لا يُعتد بقوله.
وكذا قال ابن عبد البر: إن المخالِف في هذا لا يُعتد بقوله، وبسط ابن عبد البر المقالة في ذلك في كتابه "التمهيد" (?).