لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} [البقرة: 224] الآية، فإنها نزلت فيمن حلف أَلَّا يفعل شيئًا، وكان حنثُه أولى، والعُرْضَة أصلها الشدة والقوة، فمعنى الآية: لا تجعلوا الحلف بالله سببًا مانعًا من البر والتقوى، يُدعى أحدُكم إلى صلة رحم أو بر، فيقول: حلفت بالله أَلَّا أفعله، فيعتل بيمينه في ترك البر، وفي الآية التي في المائدة: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89]، ثم بين الكفارة، ثم قال تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89]، وحنثتم، {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89]، فلا تنكثوها إن لم تكن على ترك مندوب، أو فعلِ مكروه، فإن كانت على شيء من ذلك، فالأولى الحنثُ والتكفير، هذا معتمد المذهب، وعليه جماهير العلماء، وقطعَ به كثيرٌ من علمائنا وغيرهم.
وقدم في "الترغيب" من علمائنا: أن بره وإقامته على يمينه أولى (?).
قال في "شرح الكافي": وهذا ضعيف مصادم للأحاديث والآثار الواردة في ذلك.
فائدة:
يحرم الحِنْثُ إن كان معصية؛ بأن كانت اليمين على فعل واجب، أو ترك محرم، فحنثه حرام بلا نزاع، وإن حلف ليفعلن شيئًا حرامًا أو محرمًا، وجب أن يحنث، ويُكَفِّر، وإن فعله، أثم بلا كفارة كما قدمه في "الرعاية"، و"الحاوي"، وإن كان حلفه على فعل مندوب، أو ترك مكروه، فيحتسب بره، ويُكره حنثه، وحل اليمين في المباح مباح، وحفظها فيه أولى (?)، والله أعلم.