يمينك) التي حلفت حيث حنثت، (وائتِ) الفعلَ (الذي هو خيرٌ) من الذي حلفت عليه.
قال الإمام ابن القيم: لو حلف على ترك شيء، لم يجزله هتكُ حرمة المحلوف به بفعله إلا بالتزام الكفارة، فإذا التزمها، جاز له الإقدام على فعل المحلوف عليه، فلو عزم على ترك الكفارة، فإن الشارع لا يُبيح له الإقدامَ على فعل ما حلف عليه، ولم يأذن له فيه، وإنما يأذن فيه ويبيحه إذا التزم ما فرض عليه من الكفارة، فيكون إذنه له فيه، وإباحته بعد امتناعه منه بالحلف أو التحريم رخصةً من الله له، ونعمةً منه عليه بسبب التزامه لحكمه الذي فرض له من الكفارة، فإذا لم يلتزمه، بقي المنع الذي عقده على نفسه إصْرًا عليه، فإن الله إنما رفع الآصار عمن اتقاه والتزم حكمه.
وقد كانت اليمين في شرع مَنْ قبلَنا يتحتَّم الوفاء بها، ولا يجوز الحنثُ فيها، فوسَّع الله على هذه الأمة، وجوَّزَ الحنثَ بشرط الكفارة، فإذا لم يُكَفِّرْ، لا قبلُ ولا بعدُ، لم يوسَّع له في الحنث.
وقال ابن القيم أيضًا في أثناء كلام له: لم يتضمن الحكم في اليمين هتكَ حرمة الاسم؛ فإنه تعليل فاسد جدًا؛ فإن الحنث إما جائز، وإما واجب، أو مستحب، وما جوَّزَ الله لأحد ألْبَتَّةَ أن يهتك حرمة اسمه، وقد شرع لعباده الحنثَ مع الكفارة، وقد أخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا حلف على يمين، ورأى غيرَها خيرًا منها، كَفَّرَ عن يمينه، وأتى المحلوفَ عليه، ومعلومٌ أن هتك حرمة اسمه -تبارك وتعالى- تَحِلَّةٌ، وهي تَفْعِلَةٌ من الحِلِّ، فهي تحل ما عقدته اليمينُ ليس إلا، انتهى (?).
وهذا الحديث ونحوه ينظر إلى قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً