الإنزال، ومن حرّمه مطلقًا، احتجّ بما رواه مسلم في "صحيحه" من حديث عائشة - رضي الله عنها -، عن جذامة بنت وهب أختِ عكاشة، قالت: حضرتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في أناس، فسألوه عن العزل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذلك الوأد الخفي"، وهي: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} (?) [التكوير: 8]، قالوا: وهذا ناسخ لأخبار الإباحة، فإنه ناقل عن الأصل، وأحاديث الإباحة على وفق البراءة الأصلية، وأحكام الشرع ناقلة عن البراءة.
قالوا: وقول جابر: كنا نعزل والقرآن ينزل، فلو كان شيئًا يُنهى عنه، لنهى عنه القرآن -على ما مرّ-، فيقال: قد نَهَى عنه مَنْ أُنزل عليه القرآن بقوله: "إنه الموءودة الصغرى"، والوأد كله حرام.
قالوا: وقد فهم الحسن البصري النهيَ من حديث أبي سعيد الخدري لمّا ذكر العزل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا عليكم ألا تفعلوا ذاكم، فإنما هو القدر"، قال الحسن: واللهِ لكأَن هذا زجرٌ (?)، ولأن فيه قطعَ النسل المطلوب من النكاح، وسوء العشرة، وقطع اللذة عند استدعاء الطبيعة لها.
قالوا: ولهذا كان ابن عمر لا يعزل وقال: لو علمت أنّ أحدًا من ولدي يعزل، لنكلته، وكان علي يكره العزل، ذكره شعبة عن عاصم عن زر، عنْه، وصحّ عن ابن مسعود أنه قال في العزل: هي الموءودة الصغرى، وصحّ عن أبي أمامة أنه سئل عنه، فقال: ما كنتُ أرى مسلمًا يفعله، وقال نافع عن ابن عمر: ضرب عمر على العزل بعض بنيه، وقال يحيى بن سعيد الأنصاري