من الرب العليم إلى النبي الكريم، والجملة حالية.
وفي رواية: كنا نعزل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ينزله، هذا القدر المتفق عليه من حديث جابر، وزاد مسلم عن إسحاق بن راهويه عن سفيان بن عينية: أنه قال: (لو كان) -أي: العزل- (شيئًا يُنْهَى عنه، لنهانا عنه القرآن (?).
وأخرجه الإسماعيلي من طرق عن سفيان، وظاهر هذا أن سفيان قاله استنباطًا، ولا يخفى أنّ كلام المصنف -رحمه الله- يوهم أن هذه الزيادة من نفس الحديث، ولم ينبّه ابن دقيق العيد على ذلك، بل شرحه بالزيادة، فقال: استدلال جابر بالتقرير من الله غريب، ويمكن أن يكون استدل بتقرير الرسوله، لكنه مشروط بعلمه بذلك (?)، انتهى.
ويكفي في علمه قول الصحابي: إنه فعله في عهده، والمسألة مشهورة في الأصول وفي علم الحديث، وهي أن الصحابي إذا أضافه إلى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان له حكم الرفع عند الأكثر؛ لأن الظاهر: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - اطلع على ذلك، وأقره؛ لتوفر دواعيهم على سؤالهم إياه عن الأحكام، وإذا لم يضفه، فله حكم الرفع -أيضًا- عند قوم، وهذا من الأول، فإن جابرًا صرّح بوقوعه في عهده - صلى الله عليه وسلم -، وقد وردت عدة طرق تصرح باطلاعه على ذلك.
واستظهر الحافظ ابن حجر في "الفتح": أنّ الذي استنبط ذلك، سواء كان هو جابرًا أو سفيان، أراد بنزول القرآن: ما يقرأ أعم من المتعبَّد بتلاوته أو غيره مما يوحى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكأنه يقول: فعلناه في زمن التشريع، ولو كان حرامًا، لم نُقَرَّ عليه، وإلى ذلك يشير قول ابن عمر: كنا نتقي الكلامَ