ولو لم تصلح القيافة دليلًا، لم يفرح بها، ولم يسر، وكان - صلى الله عليه وسلم - يفرح ويسر إذا تعاضدت عنده أدلة الحق، ويخبر بها الصحابة، ويحب أن يسمعوها من المخبّر بها؛ لأن النفوس تزداد تصديقًا بالحق لتعاضد الأدلة، وعلى هذا فطر الله عباده.
وأما ما روي عن عمر - رضي الله عنه -: أنه قال: وإلى أيهما ينسب؟ فلا تعرف صحته عن عمر، ولو صح عنه، لكان قولًا عنه، فإن الذي ذكرناه عنه في غاية الصحة، مع أن قوله لو صح: وإلى أيهما ينسب؟ ليس بصريح في إبطال قول القائف، ولو كان صريحًا في إبطال قوله، لكان دليلًا للشافعي في عدم صحة إلحاقه باثنين.
وأما قولهم من إقرار بعض الورثة بأخ، وإنكار الباقين، فإنما لم يثبت نسبه بمجرد الإقرار، وأما إذا كان هناك شبه يستند إليه القائف، وألحقه به، فلا التفات لإنكار من ينكر والحالة هذه، والله -سبحانه- أعلم (?).
التنبيه الثالث: يشترط في القائف أن يكون ذكرًا عدلًا مجربًا في القافة، ولا تشترط حريته، ويكفي قائفٌ واحد، وهو كحاكم، فيكفي مجرد خبره، ولا يختص ذلك بقبيلة معينة، بل من عُرف منه المعرفه بذلك، وتكررت إصابتُه، فهو قائف (?). وعن الإمام أحمد رواية ثانية: أن قول القائف شهادة، فلابد من اثنين ولفظِ الشّهادة، ومعتمد مذهب الإمام أحمد: أنّ القافة إذا ألحقته باثنين فأكثر، أُلحق بهم، وهو قولُ جمهورِ من قال بالقيافة، خلافًا للشافعي، وبانعقاد الحيوان من ماءين فصاعدًا، وبه قال أبو حنيفة، وإن لم يعتبر القافة.