وتمسحه نهارًا، ويباح الكحل للحادة بتوتياء، وعَنْزَرُوت، ونحوهما، كما يباح لها التنظيف، وتقليم أظفار، ونتف إبط، وحلق شعر مندوبٍ أخذُه، واغتسالٌ بسدر، وامتشاط، ودخول حمام (?)، وهذا معتمد مذهب الإمام أحمد، والجمهور، وحجّتهم حديث أم سلمة - رضي الله عنها - الذي أخرجه أبو داود في "سننه" من حديث ابن وهب: أخبرني مخرمة عن أبيه، قال: سمعت المغيرةَ بنَ النعمات يقول: أخبرتني أمُّ حكيم بنتُ أسيد عن أمها: أن زوجها توفي، وكانت تشتكي عينها، أفتكتحل بالجلا؟
قال: أحمد بن صالح الصواب تكتحل بالجلا، فأرسلت مولى لها إلى أم سلمة، فسألتها عن كحل الجلا، فقالت: لا تكتحل به إلا من أمرٍ لابدَّ منه يشتدُّ عليكِ، فتكتحلين بالليل، وتمسحينه بالنهار.
ثمّ قالت عند ذلك أمُّ سلمة: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تُوفي أبو سلمة، وجعلت عليَّ صبرًا، فقال: "ما هذا يا أم سلمة؟ "، فقلت: هو صبرٌ يا رسول الله، ليس فيه طيب، قال: "إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل، وتنزعيه بالنهار" الحديث (?).
قال في "الهدي": الكحلُ المنهيُّ عنه -يعني: للحادّة- ثابتٌ بالنص الصريح الصحيح، ثم قال طائفة من أهل العلم من السلف والخلف، ومنهم أبو محمد بن حزم: لا تكتحل ولو ذهبت عيناها ليلًا و [لا] (?) نهارًا، ويساعد قولهم الحديث الآتي، ثم قال: ولا ريب أن الكحل من أبلغ الزينة، فهو كالطيب، وأشدُّ منه، وقال بعض الشّافعيّة للسوداء أن تكتحل.