وروى أبو حفص بإسناده: أن أمير المؤمين عمر - رضي الله عنهما - أصدقَ أمَّ كلثوم ابنةَ عليٍّ من فاطمة الزهراء -رضوان الله عليهم- أربعين ألفًا (?).

وقد ذكرنا -فيما تقدم- ما أمهر به النجاشي أم حبيبة - رضي الله عنها -، والله -تعالى- الموفق.

الثالث: اختلفوا في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "زوجتكها بما معك من القرآن"، فمنهم من قال بجواز جعل تعليم شيء من القرآن معيَّنٍ صداقًا بناءً على كون الباء للتعويض، كقولك: بعتك ثوبي بدرهم، وهذا -أعني: كون الباء للتعويض- هو الظاهر، وإلا لو كانت بمعنى اللام على معنى تكريمه لكونه حامل للقرآن، لصارت المرأة بمعنى الموهوبة، والهبةُ خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وحمله بعضهم على الخصوصية بذلك الرجل، لكون النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجوز له نكاحُ

الواهبة، فكذلك يجوز له أن يُنكحها لمن شاء بغير صداق، ولأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وقواه بعضهم بأنه لما قال له: "ملّكتكها"، لم يشاورها، ولم يستأذنها، وهذه التقوية ضعيفة؛ لأن المرأة أولًا فوضت أمرها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ففي "الصحيح" أما قالت له: فَرَ فيّ رأيَك (?).

ووقع في حديث أبي هريرة عند النسائي بعد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حاجة لي، ولكن تملِّكيني أمرَك"، قالت: نعم، وفيه: فقالت: ما رضيتَ لي رضيتُ (?)، فهذه صارت كمن قالت لوليها: زوجني بما ترى من كثير الصداق وقليله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015