(و) السنّة الثالثة مِمَّا استفيد من قصة عتق بريرة: (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها)؛ أي: بريرة - رضي الله عنها -: (إنما الولاء) -بفتح الواو مع المد- مأخوذٌ من الوَلْي -بفتح الواو وسكون اللام-، وهو القرب، والمراد به هنا: وصف حكمي ينشأ عنه ثبوت من الإرث من العتيق الذي لا وارث له من جهة النسب أو الزوجية، أو الفاضل من ذلك، كما تقدم (لمن أَعتقَ) من ذكر وأنثى، كما قدّمنا، وقد كان العرب في الجاهلية تبيع هذا الحق وتهبه، فنهى الشرع عنه؛ لأن الولاء كالنسب، ولحمة كلحمة النسب، فلا يقبل الزوال بالإزالة، والمولى يطلق على المعتِق من أعلى وعلى العتيق أيضًا، لكن من أسفل، وهل ذلك حقيقة فيهما، أو في الأعلى أو في الأسفل؟ أقوالٌ مشهورة (?).
وذكر ابن الأثير في "النهاية": المولى يقع على معانٍ كثيرة نذكر منها ستة عشر معنى، وهو: الرّبُّ، والمالكُ، والسيّدُ، والمنعِم، والمعتِق، والناصرُ، والمحبُّ، والتابعُ، والجار، وابن العم، والحليف، والعقيد، والصهر، والعبد، والمنعَم عليه، والمُعتق، قال: وأكثرها قد جاء في الحديث، فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد [فيه] (?)، والله أعلم.