قال أبو داود في "السنن": أحاديثُ عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس مرة واحدة (?)، وكذا قال ابن المنذر: أن الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرةٌ واحدةٌ تُمسح (?)؛ وبأن المسح مبني على التخفيف، فلا يقاس على الغسل؛ إذ المراد منه: المبالغة في الإسباغ، وبأن العدد لو اعتبر في المسح، لصار في صورة الغسل؛ إذ حقيقة الغسل جريان الماء، والدلك ليس بمشترطٍ - على الصحيح - عند أكثر العلماء، وبالغ أبو عبيدٍ؛ فقال: لا نعلمُ أحداً من السلف استحب تثليث مسح الرأس، إلا إبراهيم التيمي.
قال الحافظ ابن حجر: وفيما قال نظرٌ؛ فقد نقله ابن أبي شيبة وابنُ المنذر عن أنسٍ، وعطاء، وغيرهما، وقد روى أبو داود من وجهين صحح أحدهما ابنُ خزيمة وغيره، في حديث عثمان تثليثَ مسح الرأس، والزيادةُ من الثقة مقبولةٌ، انتهى (?).
قلت: صرّح في حديث علي - رضي الله عنه - بالمرة، وهو ما رواه الترمذي، وصححه عن أبي حيَّة، قال: رأيت علياً توضأ، فغسل كفيه، ثم تمضمض ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه مرةً، ثم غسل قدميه، ثم قال: أحببتُ أن أريكم كيف كان طهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?).