وإذا ورد الأمر بهما في الوضوء، وثبت فعلُهما وبيانُ حكمهما من فعلِه - صلى الله عليه وسلم -، وفعلِ مَنْ وصف وضوءه، ففي الغسل أولى؛ لأنه أعم وأسبغُ، وأقل مشقة؛ لعدمِ كثرةِ تكرارها.

احتج من لم يوجبها بحديث أم سَلَمة: "إنما يكفيكِ ثلاثُ حَثَياتٍ" رواه مسلم (?)، ولم يذكرِ المضمضةَ والاستنشاقَ.

وليس فيه حُجةٌ؛ لأن أم سَلَمة - رضي الله عنها - قالت: قلت: يا رسول الله! إني امرأةٌ أشدُّ ضَفْرَ رأسي، أفأنقُضُه عند الغسلِ من الجنابةِ؟ فقال: "إنما يكفيكِ ثلاثُ حفناتٍ تَصُبينها على رأسِكِ" (?)؛ لأنها إنما سألته عن كيفية غسل رأسها، فبين لها ذلك، ولم يذكر لها نية ولا غيرها، ثم إن الذي ذكرهما معه زيادة علمٍ، وزيادةُ الثقة مقبولةٌ.

واحتجوا -أيضاً - بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عند الدارقطني مرفوعاً: "المضمضةُ والاستنشاقُ سُنَّةٌ" (?).

وهذا حديثٌ لا يصح عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي سنده إسماعيل بن مسلم: ليس بشيءٍ، قاله يحيى، وقال ابنُ المديني: لا يكتب حديثه.

وفيه القاسم بن غصن: قال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير، ويقلب الإسناد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015